مفاهيم الدمج ومصطلحاته:  
          
مقال د/ عبدالباقي عرفة 

  تعددت مفاهيم ومصطلحات دمج ذوي الإحتياجات الخاصة مع العاديين وذلك بسبب الثورة التي حدثت في برامج تربية ذوي الإحتياجات الخاصة في ظل الإنتقال من العزل إلى الدمج ورغم التنوع الكبير في المفاهيم إلا أن التفاوت بينها بدرجات بسيط من ناحية مضمون عملية الدمج وفي الصفحات التالية سوف أقوم باستعراض  للتطور الذي حدث وما زال يحدث حول مفاهيم ومصطلحات الدمج                                                                  

أ- مصطلح الدمج بمعنى التكامل (Integration)
ويشير بشكل عام إلى تكامل الأنشطة الاجتماعية, والتعليمية العادية جنبًا إلى جنب مع زملائهم الذين يتميزون بقدرات عادية. كما أن هذا المصطلح يشير إلى التطبيع نحو العادية ويقتضي ضرورة تزويد الأطفال المعاقين بخبرات الحياة العادية سواء داخل الفصل الدراسي أو خارجه. بحيث تتاح أمامهم الفرص لملاحظة سلوك الآخرين والتفاعل معهم في ظل ظروف ومواقف عادية ( فتحي السيد عبد الرحيم ، الدراسة المبرمجة للتخلف العقلي ).
 ويعرفه الشخص وآخرون بأنه وضع الأطفال المعاقين في برامج تقوم على خدمة الأطفال غير المعاقين( عبد العزيز الشخص ، قاموس التربية الخاصة 2001).
ومن الملاحظ أن التعريفات السابقة تحدثت عن وضع التلاميذ المعاقين مع أقرانهم من العاديين دون تميز, ودون تفرقه, وبهدف التطبيع واكتساب الخبرات للوصول إلى العادية ولكن لم يتم الحديث عن الخدمات والوسائل المساعدة التي تقدم للتلاميذ المعاقين للتفاعل والتكامل مع أقرانهم من العاديين.
ب-  الدمج بمعنى توحيد المسار التعليمي(Mainstreaming)

ويقصد به دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس والفصول العادية جزء من فترات الدراسة النهارية مع زملائهم العاديين مع الاهتمام باحتياجاتهم الأخرى عن طريق الاستفادة من البرامج الأخرى مثل:  الاستفادة من غرفة المصادر أو معلم التربية الخاصة
  ( عبد العزيز عبد الجبار ، الدمج الشامل ،1998).
ومن الملاحظ أن هذا التعريف تحدث عن وضع ذوي الاحتياجات الخاصة مع زملائهم من العاديين مع توفير غرفة المصادر للاستفادة من برامجها لدعم ومساعدة المعاقين من معينات سمعية أو معينات بصرية أو سماعات أو أجهزة إلى غير ذلك مما يوجد بغرفة المصادر.
- ويعرفه هيجارتي وآخرون بأنه "تعلم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس العادية. بحيث يتم تزويدهم ببيئة طبيعية تضم أطفالاً عاديين, وبذلك يتخلصون من عزلتهم عن المجتمع( هيجارتي وآخرون ،1981).
  ومن الملاحظ أن التعريف السابق تحدث عن تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة مع العاديين في مدارس عادية بهدف تخليصهم من عزلتهم عن المجتمع و يذكر التعريف أيضًا المساعدات التي يمكن أن تقدم للمعاقين لمساعدتهم على التخلص من عزلتهم.
- ويرى ميتشل وابرين أن الدمج " يعني حق كل المتعلمين ذوي الاحتياجات الخاصة الإنمائية والتربوية في المشاركة والتعلم في نفس البيئة التعليمية (في الفصول الدراسية المناسبة لهم) مثل قرنائهم في المجتمع المحلي الواحد, ليعيشوا حياة طبيعية مع العاديين, ويقضي مفهوم التطبيع بأن تتاح للأطفال من ذوي الحاجات الخاصة نفس أساليب وظروف وفرص الحياة العادية المتاحة لبيئة أفراد المجتمع, ويقترن هذا المفهوم بمصطلح "التحرر من المؤسسات الخاصة" الذي يشير إلى تلك العملية التي تضمنت إبعاد هذه الفئة من الأطفال في المؤسسات الخاصة الداخلية, ووضعهم في بيئات مفتوحة وأقل عزلة في المجتمع الدراسي الذي يعيش فيه أقرانهم من الأطفال العاديين وبما يسمح بإسهام المجتمعات برعايتهم بصورة تساعد على تعويدهم الحياة بين أقرانهم العاديين"( أميرة يخش ،1995).
- ويعرفه الروسان بأنة التحاق التلاميذ غير العاديين مع التلاميذ العاديين في الصفوف العادية طوال الوقت, حيث يتلقى هؤلاء التلاميذ برامج تعليمية مشتركة, ويشترط في مثل هذا النوع من الدمج, توفير الظروف والعوامل التي تساعد على إنجاح هذا النوع من الدمج وفيها تقبل التلاميذ العاديين للتلاميذ غير العاديين في الصف العادي, وذلك بهدف توفير الظروف التي تعمل على إيصال المادة التعليمية إلى التلاميذ غير العاديين وبذلك توفر الإجراءات التي تعمل على إنجاح هذا الاتجاه والمتمثلة في التغلب على الصعوبات التي تواجه التلاميذ غير العاديين في الصفوف العادية والمتمثلة في الاتجاهات الاجتماعية وإجراءات الامتحانات وتصحيحها" ( فاروق الروسان 1998 )
  ويلاحظ أنَّ هذا التعريف شامل من حيث إلحاق التلاميذ المعاقين مع زملائهم العاديين في الصفوف العادية طوال الوقت مع اشتراط توفير الظروف والعوامل التي تعمل على إنجاح هذا النظام وقد يعني الدمج الاقتراب بالمعاقين ما أمكن من حياة العاديين وإبعادهم عن الخدمات المؤسسية المنعزلة, وكذلك التعامل معهم على نحو طبيعي, وهذا يعني منحهم فرص المساواة في الحقوق وجعل الظروف المحيطة بهم أقرب ما تكون لظروف العاديين ( يوسف القريوتي ، مدخل للتربية الخاصة 1998).
ويلاحظ هنا أن التعريف تناول عملية التطبيع الاجتماعي بين ذوي الاحتياجات الخاصة والعاديين مع منحهم فرص المساواة وعدم التفرقة بينهم وتسهيل الاحتياجات والخدمات التي يحتاجونها حتى تكون حياتهم أقرب إلى حياة العاديين ويكون ذلك داخل مجتمع وليس داخل مؤسسات معزولة كما كان يحدث من قبل .
وهو وضع الطلاب المعاقين في الفصول العادية مع أقرانهم العاديين وإشباع حاجاتهم فيها عن طريق توفير الخدمات اللازمة لتحقيق التفاعل الاجتماعي والمشاركة في الأنشطة التربوية مع أقرانهم العاديين مشاركة مجتمعية بإتاحة كل ظروف الحياة الطبيعية والتعليمية  المتاحة للأطفال العاديين( عفاف المصري ،2004).
والتعريف السابق يمتاز بالشمول حيث شمل الطلاب المعاقين والطلاب غير المعاقين في فصل دراسي واحد مع توفير الخدمات اللازمة لتحقيق التفاعل والمشاركة بين التلاميذ من جهة مع مشاركة المجتمع في التفاعل معهم ودمجهم في الحياة من جهة أخرى. وذلك بإتاحة كل ظروف الحياة الطبيعية, والتعليمية, المتاحة للأطفال العاديين لهؤلاء المعاقين.

ج-  الدمج الشامل أو الاستيعاب (Inclusion)
ويقصد به" الدمج الكلي في النظام التعليمي العام أي أن يكون الأفراد المعاقين جزءً متضمنًا أو مستوعبًا في الفصل الدراسي بمعني: استيعاب ذوي الاحتياجات الخاصة ضمن النظام التعليمي العام" ( فاروق صادق ،1998)
- ويعرفه ديان برادلي وآخرون بأنه مدرسة الدمج الشامل وهي المدرسة التي لا تستثنى أحد –حيث تبنى على ما يعرف بفلسفة عدم الرفض أو عدم استبعاد أي طفل بسبب وجود إعاقة لديه. وتعتمد على سياسة الباب المفتوح, لجميع الطلاب بغض النظر عن قدراتهم وإعاقاتهم  ويلاحظ أن التعريف ركز على الدمج الكلي أو الاستيعاب الكامل ضمن النظام التعليمي دون ذكر الوسائل المعينة والخدمات المقدمة.
د-   الشمولية التامة (Full Inclusion)
وتعني" أن كل التلاميذ بغض النظر عن ظروف أو شدة الإعاقة سوف يتواجدون في فصل تعليم عام/ برنامج دراسي لكل الوقت وكل الخدمات يجب أن يتم توفيرها للطفل في هذا المكان .
ولوحظ على هذا التعريف أنه يقصد بالدمج أن كل التلاميذ المعاقين وغير المعاقين يجلسون في فصول مشتركة طول الوقت ولا يتم عزل المعاقين نهائيًا عن العاديين ويتم توفير خدمات واحتياجات للمعاقين داخل فصول العاديين. ولكن هذا التعريف يصعب تطبيقه في بعض حالات الإعاقة الشديدة التي يصعب أن تستمر لفترات طويلة داخل فصول التلاميذ العاديين وأيضًا يصعب توفير الخدمات المساعدة لهؤلاء المعاقين بأكملها داخل كل فصول الدمج.

 ويعرفه كوفمان وآخرون بأنه وضع الأطفال المعاقين بدرجة بسيطة في المدارس العادية مع اتخاذ الإجراءات التي تضمن استفادتهم من البرامج المقدمة في هذه المدارس الطبيعية (الصف العادي) قدر المستطاع( كوفمان وآخرون ،1973)  .
ويلاحظ أن هذا التعريف اشترط في الدمج أن يكون في الأطفال ذوي الإعاقات البسيطة مع اتخاذ الإجراءات التي تضمن استفادتهم من البرامج المقدمة في هذه المدارس لتحقيق النجاح.
 ويعرفه هارون بأنه يعني تدريس التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة جنبًا إلي جنب مع أقرانهم العاديين بالفصول العادية مع توفير الظروف والعوامل التي تساعد في إنجاح تعليمهم كتزويد معلم الفصل العادي ببرامج دراسية معدلة بقدر الإمكان عبد الله صالح هارون ،2000).
 ويلاحظ أن هذا التعريف شامل من حيث أنه لم يقتصر على فئة معينة  أو مستوى معين من ذوي الاحتياجات الخاصة واشترط توفير الظروف والعوامل التي تساعد في إنجاح عملية الدمج.
هـ- مبادرة التربية العادية:
ويقصد بالدمج هو أن يقوم مدرسو المدارس العادية بتعليم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة خصوصًا ذوي الإعاقات البسيطة والمتوسطة في الفصول والمدارس العادية مع تقديم الاستشارات من المختصين في التربية الخاصة ومن الملاحظ أن هذا التعريف يقوم على المبادرة الشخصية من مدرسي المدارس العادية حيث إنه يقوم بتعليم التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة ويحدد الإعاقات البسيطة والمتوسطة مع تقديم الاستشارات من المختصين.
- ويعرفه بيتر ميتلر بالاستيعاب ويقول ليس هناك تعريف واحد متفق عليه عالميًا لمصطلح الاستيعاب ولكن النموذج العملي التالي يمكن أن يعتبر نقطة بداية كل الأطفال الذين يشاركون بشكل كامل في المجالات الحياتية, ونشاطات مدرستهم المحلية, في حجرة الدراسة النظامية مع تقديم العون المناسب.
- كل المدارس التي تعيد هيكلة وتركيبة (بنية) مناهجها الدراسية, وطرق التدريس والتقييم لضمان إتاحة المدرسة لكل الأطفال في المجتمع ونجاحهم.
- كل المدرسين الذين قبلوا بالمسؤولية عن التدريس لكل الأطفال وتعليمهم, والذين تتاح لهم الفرص لمواصلة تطوير مهنتهم وتعزيزها.
  والتعريف السابق لم يهتم بالطفل المعاق فقط وكيفية دمجه في المجتمع بل تحدث عن المدرسة وكيفية استقبالها لكل الأطفال وكيف يمكن أن تعيد صياغة مناهجها وطرق تدريسها وتقييم دورها في المجتمع. وتحدث التعريف عن المدرسين ودورهم ومسئوليتهم في تعليم كل الأطفال المعاقين وغير المعاقين وكيفية تطوير مهنتهم وتعزيزها.

  وبناءً على كل ما سبق فإن البحث الحالي يحدد الدمج بأنه يعنى وجود التلاميذ من  ذوى الاحتياجات الخاصة بالمدارس العادية، سواء  أكان اشتراك  التلميذ من ذوى الاحتياجات الخاصة مع العاديين في فصل واحد أو فى فصل منفصل لذوى الاحتياجات الخاصة  بالمدارس العادية . 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معايير أخلاقيات المهنة لدى معلم التربية الخاصة

الفرق بين القانون والأخلاق د/ عبدالباقي عرفة