مقال عن  الوقاية من الإعاقة 
د/ عبدالباقي محمد عرفة سالم 


يمكن تعريف الوقاية من الإعاقة بأنها "هي مجموعة من الإجراءات والخدمات المقصودة والمنظمة ، التي تهدف إلى الحيلولة دون أو الإقلال من حدوث الخلل أو القصور المؤدي إلى عجز في الوظائف الفسيولوجية أو السيكولوجية ، والحد من الآثار السلبية المترتبة على حالات العجز ، بهدف إتاحة الفرصة للفرد كي يحقق أقصى درجة ممكنة من التفاعل المستمر مع بيئته ، وتوفير الفرصة لأن يحقق حياة أقرب إلى حياة العاديين، وقد تكون تلك الإجراءات والخدمات ذات طابع طبي أو اجتماعي أو تأهيلي أو تربوي" (منظمة الصحة العالمية )
تتم الوقاية من الإعاقة بأساليب عدة منها : 
نشر الثقافة الصحية،والبيئية ،وتوعية المجتمع بأسباب ومسببات الإعاقة يمكن الحد  بشكل كبير من انتشار الإعاقة بين أفراد المجتمع ، ومن خلال التوعية الغذائية وأهمية توفير الغذاء في المناطق الفقيرة والمحرومة يمكن الحد من عدد المعاقين في المجتمع ، ومن خلال الحد من حوادث الطرق والتي تمثل نصيب الأسد في مسببات الإعاقات الجسمية والحركية والحد من حوادث العنف وعمالة الأطفال يمكن أن تنجح المجتمعات والدول النامية ودول العالم العربي في الحد بشكل مؤثر من أعداد المعوقين ، ومن خلال الحد من التلوث ونشر الوعي البيئي والنفسي ونشر المعلومات الأساسية حول أسباب الإعاقة، والاهتمام بقضايا النظافة ، والتطعيم وتنظيم النسل ،ورعاية الأمومة والطفولة والتدخل المبكر ، كل هذا يلعب دور فعال في الحد من حالات الإعاقة ، والتوعية بأسباب الإعاقة لن تأتي ثمارها بدون المشاركة المجتمعية والتأهيل المبني علي مؤسسات المجتمع المدني والمحلي ، فمشاركة المجتمع في الحد من الإعاقة يمثل العمود الفقري في قضايا الإعاقة والوقاية من الإعاقة وبدون مشاركة المجتمع لا يمكن أن تحقق المجتمعات العربية ما تصبوا إليه في أي مجال من مجالات التنمية وخاصة قضايا الصحة والتعليم والإنتاج لأنها قضايا تنموية اجتماعية في   المقام الأول وعلي رأسها قضايا الإعاقة .
لماذا الوقاية ؟
تنشد كل المجتمعات الإنسانية الصحة والنمو الطبيعي للأجيال القادمة ، وتدعم المنحى الوقائي والأنماط الحياتية الصحية ، ومن المعروف حالياً أنه أصبح بالإمكان تشخيص بعض حالات الإعاقة أثناء فترة الحمل بل وقبل الحمل من خلال فحوص ما قبل الزواج التي تتوصل لبعض الأمراض الوراثية التي يمكن تحدث في حالة بعض حالات من الزيجات ،
وتشير خبرات ودراسات الدول المتقدمة أن الوقاية بمستوياتها المختلفة ذات جدوى اقتصادية وخاصة الوقاية الأولية على وجه التحديد هي الأكثر جدوى لا على المستوى الاقتصادي فقط وإنما على المستوى الإنساني أيضاً . وإن الجهود المبذولة للوقاية من الإعاقة يجب ألا تقتصر على مرحلة دون أخرى أو على شريحة اجتماعية دون غيرها، وإنما على مراحل الحمل والولادة والطفولة المبكرة وكذلك الفئات الأقل حظاً في المجتمع والتي تستحق أن تحظى باهتمام أكبر.
وتشمل الوقاية من العوامل العضوية المسببة للإعاقة إجراءات مثل التخطيط لمرحلة ما قبل الحمل ورعاية الأمهات الحوامل والرعاية أثناء الولادة ورعاية حديثي الولادة، واللقاحات، وتشمل الوقاية من العوامل البيئية الاجتماعية إجراءات مثل الحد من الإصابات، وتطوير مهارات الأمومة والأبوة الفعالة، ومكافحة الفقر وسوء التغذية، وتعديل أنماط الحياة وتشجيع تبني السلوك الصحي.
 الوقاية لغة واصطلاحا:
 الوقاية في اللغة بمعنى الصون والسترة عن الأذى، أي حفظ الشيء من التلف أو الآفات الضارة، وحماه منها، قال تعالى "فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا" (الإنسان:11)، ويقول عز وجل " يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة... الآية" (التحريم: 6)، بمعنى صيانتهم وسترهم عن نار جهنم.
 وقد وردت كلمة وقاية في القرآن الكريم بألفاظ عدة وفي مواضع كثيرة لتؤكد فريضة حماية الإنسان لنفسه ومن يعولهم من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، وأن السبيل إلى ذلك هو تجنب المعاصي وترك الشهوات والالتزام بأوامر الله وطاعته والتقرب منه في السر والعلن، قال تعالى :" إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار" (آل عمران: 190-191).
 وتعرف الوقاية اصطلاحاً بأنها مجموعة الإجراءات والخدمات المقصودة والمنظمة، التي تهدف إلى الحيلولة دون/ أو الإقلال من حدوث الخلل أو القصور المؤدي إلى عجز في الوظائف الفسيولوجية أو السيكولوجية، والحد من الآثار السلبية المترتبة على حالات العجز، بهدف إتاحة الفرصة للفرد لكي يحقق أقصى درجة ممكنة من التفاعل المثمر مع بيئته، بأقل درجة ممكنة من المحددات، وتوفير الفرصة له لأن يحقق حياة أقرب ما تكون إلى حياة العاديين. هذا يعني أن إجراءات الوقاية من الإعاقة لا تقتصر على الحيلولة أو التقليل من احتمالات حدوث الإصابة وحسب، بل يجب أن تشتمل على إجراءات أخرى للحيلولة دون تطور الإصابة إلى حالة من العجز أو تطور العجز إلى حالة من الإعاقة. وعلى هذا الأساس فإن إجراءات الوقاية قد تكون ذات طابع طبي أو اجتماعي أو تربوي أو تأهيلي، (اسامه معاجيني الإعاقة من منظور اسلامي)
نشر الوعي الاجتماعي:
يمثل نشر الوعي الاجتماعي إحدى أهم أدوات الوقاية من الإعاقة في المجتمع وبخاصة على مستوى الوقاية الأولية. فعشرات الآلاف من حالات الإعاقة التي كان بمقدورنا أن نمنع حدوثها لا تزال تحدث سنوياً في الدول العربية وذلك نتيجة أن الناس في مجتمعاتنا لا يعرفون عن الإعاقة وعن سبل الوقاية منها ، أو أن معرفتهم لا تترجم إلى خطوات عملية. وفي كلتا الحالتين يمكن للبرامج التثقيفية والتوعية أن تترك أثرا مهماً على قطاع بالغ الأهمية في مجتمعاتنا.
وتعتبر المدرسة هي أفضل موقع لنشر الوعي حول سبل الوقاية من الإعاقة بين الأجيال الحالية والأجيال المستقبلية أيضاً، إضافة إلى دور الحضانات ورياض الأطفال ومراكز رعاية الأمومة والطفولة أيضاً. فهي تخدم أطفالاً في مرحلة عمرية بالغة الأهمية، وهي تستطيع الإسهام في جهود الوقاية بشكل فعال عن طريق الكشف المبكر عن أية مشكلات لديهم وتطوير جوانب نموهم كافة، وتزويدهم بالخبرات التعليمية المؤثرة ومراعاة سلامتهم.
مستويات الوقاية:
ولقد حددت منظمة الصحة العالمية ثلاثة مستويات للحد من الإعاقة، هي  :
المستوى الأول:
إزالة العوامل المسببة للإعاقة، وتتضمن إجراءات صحية واجتماعية مختلفة كالتحصينات ضد الأمراض، تحسين مستوى رعاية الأم الحامل، والتوعية بالأسباب، والتغلب على مشكلات الفقر ، .... إلخ.
المستوى الثاني:
خدمات الكشف عن الإصابات ومواطن الخلل وإجراءات التدخل المبكر لمنع المضاعفات الناتجة عن حدوث العوامل المسببة لحالات الإصابة وضبطها، كالفحوصات الطبية والاختبارات المختلفة للكشف المبكر عن حالات الخلل الفسيولوجي والعيوب التشريحية أو الاضطرابات النفسية.
المستوى الثالث:
إجراءات التقليل من الآثار السلبية المترتبة على حالات القصور والعجز، والتخفيف من حدتها ومنع مضاعفاتها. تشمل هذه الإجراءات الخدمات التربوية الخاصة أو التدريب والتأهيل، أو تقديم الأجهزة والوسائل المعينة، أو خدمات العلاج الطبيعي وعلاج النطق والكلام وغيرها.

وقد تبنت جهات عديدة ومنها منظمة الصحة العالمية (1976) تعريفاً للوقاية "وهي مجموعة من الإجراءات والخدمات المقصودة والمنظمة ، التي تهدف إلى الحيلولة دون أو الإقلال من حدوث الخلل أو القصور المؤدي إلى عجز في الوظائف الفسيولوجية أو السيكولوجية ، والحد من الآثار السلبية المترتبة على حالات العجز ، بهدف إتاحة الفرصة للفرد كي يحقق أقصى درجة ممكنة من التفاعل المستمر مع بيئته ، وتوفير الفرصة لأن يحقق حياة أقرب إلى حياة العاديين، وقد تكون تلك الإجراءات والخدمات ذات طابع طبي أو اجتماعي أو تأهيلي أو تربوي".

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معايير أخلاقيات المهنة لدى معلم التربية الخاصة

الفرق بين القانون والأخلاق د/ عبدالباقي عرفة