مقال عن مبادئ دمج ذوي الإعاقة 

د/ عبدالباقي عرفة 

فلسفة دمج ذوى الاحتياجات الخاصة بالمدارس العادية هي فلسفة قديمة من ناحية أصولها وأهدافها, وهي حديثة من ناحية تطبيقها وبرامجها وأساليبها، فأسلوب الدمج من أحدث الأساليب التربوية التي بدأت معظم دول العالم تأخذ بها في تعليم المعاقين.
وفلسفة دمج ذوى الاحتياجات الخاصة لها أصولها ومبادئها التى لها تاريخ ممتد منذ زمن طويل وعلى سبيل المثال، فالشريعة الإسلامية, والرسول صلى الله عليه وسلم من خلال تربيته لأصحابه وتعليمه لهم, وضع مبادئ لهذه  التربية قامت على التكافل،والتعاون، وتكافؤ الفرص، والمساواة فالرسول  صلى الله عليه وسلم يقول في حديثة الشريف  الذى رواه الأمام مسلم عن  النعمان بن بشير قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) حديث رقم 2586 صحيح مسلم، وهذه المبادئ التي وضعها الإسلام ليس للتعليم فقط بل للحياة عامة, وهي نفسها المبادئ التي ينادي بها علماء التربية الحديثة, وخاصة في برامج الدمج في الدول المتقدمة. إن نظام الفصل أو العزل الذي كان سائدًا هو نظام قائم على التفرقة بين أفراد المجتمع, وقائم على عدم المساواة بين الطفل المعاق والطفل العادي. ولهذا فإن الطلاب الذين صنفوا أو لقبوا على أنهم معوقين عزلوا عن الطلاب غير المعوقين وعليه يجب على هؤلاء الطلاب أن يحصلوا على حقوقهم كاملة في التعليم وفي الحياة وفي الذهاب إلى المدرسة التي يختارونها, وعلى المدارس أن تعدل من مناهجها وبرامجها لتلاءم هؤلاء ألتلاميذ ،  ومن أهم المبادئ التي اعتمدت عليها فلسفة الدمج في كل من الولايات المتحدة وألمانيا وانجلترا والسويد والنمسا وغيرها من الدول المتقدمة في دمج ذوي الاحتياجات الخاصة. والتي أجدر بنا أن نأخذ بها فئ تعليم أطفالنا من ذوى الاحتياجات الخاصة مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص والعدالة وغيرها من المبادئ التي سيتم تناولها بشيء من التفصيل فيما يلي:

مبدأ المساواة:

تقوم رعاية ذوى الاحتياجات الخاصة بالمدارس العادية على مبدأ تحقيق المساواة والعدالة بين الأفراد, والاحتواء الكامل للأفراد المعاقين داخل الاتجاه السائد في كل من المدرسة والمجتمع. فيقوم الدمج على أساس مسئولية النظام التعليمي العام عن رعاية وتعليم المعاقين. وذلك عن طريق الاهتمام بعمل اختبارات تجريبية لتطوير برامج تعليمية ملائمة لدمج هؤلاء الطلاب في التعليم العام. وهكذا تتحقق ديمقراطية التعليم بأن ينال كل معاق قسطًا من التعليم يتناسب مع قدراته وإمكانياته أسوة بالأطفال العاديين. 
مبدأ تكافؤ الفرص.
إن الدمج التعليمي للمعاقين بالمدارس العادية في المجتمعات المعاصرة يقوم على أساس المساواة بين أفراد المجتمع. لا فرق بين عادي ومعاق في التعليم وتحقيقًا لمبدأ تكافؤ الفرص التعليمية الذي يعطي كل فرد حقه في تعليم يتناسب مع قدراته واستعداداته وتمشيًا مع ديمقراطية التعليم والمساواة وتكافؤ الفرص وهي المبادئ والقيم التى ترسخها الأديان وتنادي بها منذ أقدم العصور. والتربية الحديثة بدأت تعود إلى هذه القيم لأنها هي التي تبني مجتمعا متماسكا ومتعاونا قائما على العدل والمساواة في كل شيء وأولها تعليم المعاقين.
وإن المدارس الشاملة التي تعلم كل التلاميذ معًا يمكن أن تضع الأساس لمجتمع شامل ليست فيه أية تفرقة أو عنصرية, وذلك بتغير المواقف بالنسبة للاختلاف (فمن الطبيعي والعادي أن تكون مختلفًا)  .  ( بيتر متلر، مجلة مستقبليات،2004 ،ص492).

مبدأ التعاون:

يعني هذا المبدأ إقامة علاقات بين معلمي التعليم العام ومعلمي التربية الخاصة. بهدف تحقيق أقصى فائدة ممكنة لجميع الطلاب.وكذلك إقامة علاقات بين أسر الأطفال من ذوى الاحتياجات الخاصة والعاديين بل وإقامة علاقات بين جميع أفراد المجتمع ومؤسساته من أجل المساهمة والتعاون في تخفيف عبء الإعاقة عن الأطفال من ذوى الاحتياجات الخاصة وأسرهم ويتمثل
هذا التعاون بين المعلمين في التخطيط والتدريس المشترك والمشاركة في المعلومات وتبادل الخبرات. ويفيد التدريس التعاوني كل المعلمين المشاركين فيه, حيث تتاح لهم الفرصة لتبادل المعلومات المتخصصة, والخبرات المختلفة, والابتكارات الجديدة, كما يساعد التعليم التعاوني في بناء علاقات قوامها العناية والالتزام بين الأفراد. ( ديان برادلي :الدمج الشامل،2000،218)
والمدرسون الذين يعملون في مدارس الدمج يقولون إن فلسفة الدمج التعليمي يقوم على مسلمة مفادها. التعاون بين المدرسين والتلاميذ ليصبحوا أعضاء أفضل في المجتمع ولخلق مجتمع متعدد ومتنوع في القدرات والإمكانيات.
إن فريق العمل الدمجي القائم على التعاون بين المعلم العادي ومعلم التربية الخاصة, ومعلم حجرة المصادر, والإحصائي النفسي والاجتماعي وإحصائي العلاج يمكن أن يحقق عن طريق العمل بروح الفريق أهداف الدمج التعليمي للمعاقين التي تقود إلى خبرات تعليمية ملائمة

مبدأ البرامج الفردية:

إن فلسفة الدمج ذات نزعة إنسانية أخلاقية لا تفرق بين إنسان عادي وآخر معوق, ولكنها إعادة صياغة لفئات المجتمع من جديد على خريطة خدمات المجتمع ككل. كما أن عملية الدمج تدعو إلى إعادة بناء التربية العامة والتربية الخاصة, ووضعها ضمن نظام جديد يوفر للطالب المساعدة المطلوبة في نطاق الصف العادي.
فهي تركز على كيفية" إدارة الفصول والمدارس التي يمكن أن توفر الحاجات التربوية لكل طفل, كما أنها لا تكتفي وجود مدرس تربية خاصة بل تعتبر وجوده ضرورة لتوفير البرنامج الفردي المناسب"  والذي يُحدد لكل طفل بناءً على قدراته واستعداداته والبرامج الفردية من أهم الأساليب المساعدة على نجاح الدمج ويمكن القول بأن اهتمام المجتمعات المعاصرة بالبرامج الفردية في تعليم المعاقين بمدارس الدمج يرجع إلى أهمية هذا النوع من التعليم في مراعاة الخصائص الفردية للمعاق.
والدعم الفردي يختلف من مكان لآخر ومن أسلوب في الدمج إلى آخر. ولا يقلل هذا من أهمية البرامج الفردية التي تهتم بكل تلميذ على حده في إحداث نوع من التنمية والتفاعل والتحول إلى الأحسن.


وقد أشارت العديد من الدراسات إلى " أن الأطفال في فصول الدمج الذين يقدم لهم

مناهج معدلة وبرامج تربوية فردية في المهارات اللغوية يظهرون مقدرة أفضل في

   التعبير عن أنفسهم, كما أن الدمج يزودهم بقدرة أفضل لتحسين كل من مفهوم الذات

 والسلوكيات الاجتماعية " . ( جريدة الراية القطرية ،7/9،2004 )

 ومن هنا يظهر أهمية البرامج الفردية كأساليب مساندة لعملية الدمج.ومما سبق يظهر لنا 
بوضوح أن فلسفة دمج ذوى الاحتياجات الخاصة فئ التعليم العام تقوم على مبادئ

سامية من حيث التكافؤ في الفرص التعليمية إلى تحقيق التعاون إلى الاعتراف بحقهم في

الحياة والتعليم وتقديم برامج خاصة بهم وهم في مدارس التعليم العام مثل أقرانهم من 

الأطفال العاديين.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معايير أخلاقيات المهنة لدى معلم التربية الخاصة

الفرق بين القانون والأخلاق د/ عبدالباقي عرفة