مقال فوائد دمج الأطفال المعاقين 

منذ سنوات قليلة, كان الحديث عن تعليم المعاقين وغير المعاقين معًا في مدارس وفصول التعليم العام غير منطقي. ولكن في هذه الأيام أصبحت هناك العديد من الدراسات  التي تتحدث عن فوائد تعليم المعاقين وغير المعاقين. بعد حركة التعليم للجميع, التي انطلقت في "جو ميتين" في عام 1990, واتخذت اتجاهًا جديدًا في "داكار" في عام 2000 تم وضع عملية الاستيعاب (الدمج) للأطفال المعاقين في نطاقها الأوسع, الذي يتمثل في إصلاح المدارس وتنظيم التعليم حتى تكون أكثر استجابة لاحتياجات كل الأطفال. وقد بدأت المدارس الآن في تغيير ممارساتها ومواقفها التقليدية لكن تواجه احتياجات المجموع الكلي للأطفال في مجتمعهم المحلي, بل إن الكثير من الدول الآن تعيد النظر في مناهجها الدراسية, وطرق التدريس لدمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة مع زملائهم(بيتر ميتلر ،2004).
 وهذا كله لأن الدمج التربوي له فوائد عديدة, ليس لذوى الاحتياجات الخاصة فقط بل أيضًا  للأطفال غير المعاقين, وللآباء وللمدرسين وللمجتمع ككل. ومن هذه الفوائد ما يلي:
أولاً: فوائد الدمج بالنسبة للطفل المعاق:

 يؤدى الدمج التربوي إلى شعور الطفل المعاق بالثقة بالنفس وذلك عندما يلاقي الترحيب والتقبل من الآخرين( هولد سميز ، التخلف العقلي ،1999).
ويساعد الدمج الأطفال المعاقين على تقليد ومحاكاة زملائهم العاديين ويمدهم بالمهارات الاجتماعية المختلفة.وكذلك يؤدى الدمج إلى زيادة العلاقات بين الأطفال من ذوى الاحتياجات الخاصة و أقرانهم من العاديين  وتنميتها ويقلل من الآثار السلبية للعزل. ويؤدى إلى زيادة الترابط الاجتماعي والمعرفي والتوافق السلوكي ويساعد على تعلم  المنافسة مع  الأقران في المنزل والتفاعل معهم وتعلم مهارات الاتصال الاجتماعي.
ويساهم الدمج في تحسين المستوى التحصيلي الدراسي للمعاقين مع توفير الخدمات المساعدة.بل إن الدمج التربوي يشكل وسيلة تعليمية مرنة يمكن من خلالها زيادة  تطوير وتنويع البرامج التربوية المقدمة للتلاميذ من ذوى الاحتياجات الخاصة( الموسى 1995).
   ويحد الدمج التعليمي من الآثار السلبية للعزل, ويؤدي إلى تنمية الاتجاهات الإيجابية لدى الطفل المعاق, وزيادة الحب بين المعاق وزملائه العاديين, وشعوره بالأمان تجاههم.
 ويمكن القول إنه كلما زاد الوقت الذي يقضيه الطالب من ذوى الاحتياجات الخاصة  مع الطلاب العاديين ضمن برامج الدمج ازدادت قدراتهم الأكاديمية والاجتماعية,و المهنية ويساعدهم على اكتساب المهارات ويؤدي أيضًا إلى تفادي التأثير السلبي لنظام العزل مثل الشعور بالضعف والضآلة وعدم الأهمية, والقلق الدائم من المستقبل وهذا كله يؤدي إلى قلة الدافعية نحو التعلم والتفاعل واكتساب المهارات الحياتية والأكاديمية.ومما سبق  نجد أن للدمج التربوي أهمية كبيرة للطفل من ذوى الاحتياجات الخاصة عندما يلحق بزملائه من العاديين وهناك أيضاً فوائد متعددة تعود على الطفل العادي عندما يتم دمجه مع الأطفال من ذوى الاحتياجات الخاصة وهذا ما سنعرض له


ثانيًا: فوائد الدمج بالنسبة للطفل العادي:

الدمج التربوي  يساعد الطفل العادي . فهو يتعود على أن يتقبل ويشعر بالارتياح مع أشخاص مختلفين عنه وقد أوضحت الكثير من الدراسات على إيجابية الأطفال العاديين عندما يحدث لهم  فرصة اللعب مع الأطفال من ذوى الاحتياجات الخاصة .
 حيث تعمل بيئة الدمج على زيادة التقبل الاجتماعي للأفراد المعاقين مع أقرانهم         العاديين وتنمية إحساس الطفل العادي بالمسئولية تجاه زميله المعاق وكسر حاجز الخوف لدى الطفل العادي عند التعامل لعمل صداقات بين العاديين والمعاقين من شأن الدمج التربوي أن يعمل على إيجاد بيئة اجتماعية يتمكن فيها الأطفال غير المعاقين من التعرف –بشكل مباشر- على نقاط القوة والضعف عند أقرانهم المعوقين مما يؤدي إلى الحد, أو التخلص من أية مفاهيم خاطئة قد تكون موجودة لديه( الموسى مرجع سابق 1995 ).
.وكذلك يؤدىالدمج إلى شعور الطفل غير المعاق بزميله ويؤدي إلى التشارك والتعاون فيما بينهم, ويؤدي إلى تحسين الاتجاهات من الأطفال غير المعاقين تجاه زملائهم المعاقين, وتؤدي بيئة الدمج أيضًا إلى مساعدة الأطفال الغير معاقين لزملائهم المعاقين ليكونوا مثلهم أصحاء, ويقدم الدمج نماذج ناجحة للأفراد المعاقين الذين يقبلون التحدي والتنافس.
ثالثًا: فوائد الدمج للمجتمع:

يحقق الدمج قيم العدالة الاجتماعية, فالطلاب يتعلمون هذه القيم عن طريق الممارسة العملية لها في المدرسة, فعلى الرغم من الاختلافات بينهم إلا أنهم جميعًا متساوون   في الحقوق ويشعر جميع أفراد المجتمع بهذه القيمة بوضوح من خلال الدمج لأن نظام العزل كان يؤدي إلى التفرقة بين الطلاب والأسر والمجتمع.وكذلك يحقق الدمج مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع الأفراد.
وللدمج أهمية حيث إنه يمكن الأسر من القيام بواجبها الاجتماعي تجاه أبنائها, لأن الدمج يتيح للأطفال المعاقين التعلم والحياة داخل الأسرة على العكس من نظام العزل الذي كان يفرض على الأسر تعليم أبنائها في مدارس خاصة بهم. وكذلك ينبه الدمج كل أفراد المجتمع إلى حق المعاق في إشعاره بأنه إنسان وعلى المجتمع أن ينظر له على أنه فرد من أفراده, وأن الإصابة والإعاقة ليست مبررا لعزل الطفل عن أقرانه العاديين وكأنه غريب عنهم وغير مرغوب فيه( عادل خضر، دمج الأطفال المعاقين 1995).
    ويؤدي الدمج إلى زيادة العطف والتكافل والتعاون بين الأسر الغنية والأسر الفقيرة وتقديم  المساعدات من ملابس ومأكل, ومشرب, وأدوات بل الدمج يؤدي إلى قيام المجتمع بدوره تجاه  ذوى الاحتياجات الخاصة من الفقراء والمحتاجين وهذا ما أكد عليه كثير من القائمين على مدارس الدمج من مدرسين وأخصائيين ومدراء مدارس الدمج  في مقابلات عدة, قام بها الباحث في مدارس للدمج .وكما  أن للدمج أهمية للطفل من ذوى الاحتياجات الخاصة والطفل العادي وللمجتمع ككل فللدمج أهمية للآباء والأمهات وهذا ما سيتم عرضه.
رابعًا: فوائد الدمج للآباء والأمهات:

نظام الدمج يشعر أباء وأمهات وأولياء أمور الطفل من ذوى الاحتياجات الخاصة بعدم عزله عن المجتمع بل ويشعرون بأن المجتمع يقوم بالدور الذي حثت عليه الشرائع و الأديان بل ومنظمات حقوق الإنسان تجاه الطفل من ذوى الاحتياجات الخاصة , كما أنهم يتعلمون طرقًا جديدة لتعليم الطفل, وعندما يرى الوالدان تقدم الطفل الملحوظ وتفاعله مع الأطفال العاديين فإنها يبدآن التفكير في الطفل أكثر, وبطريقة واقعية. كما أنهما يريان أن تصرفاته مثل جميع الأطفال الذين في مثل سنه. وبهذه الطريقة تتحسن مشاعر الوالدين تجاه طفليهما, وكذلك تجاه أنفسهما. بل إن نظام الدمج يؤدي إلى شعور أسرة الطفل المعاق بأنها ليست وحدها بل إن المجتمع جميعه يؤيدها ويساعدها في تعليم وتنمية قدرات ابنها. مما يؤدي إلى حدوث التعاون الاجتماعي وتنمية العلاقات بين الأسر التي لديها معاق والتي ليست لديها طفل معاق. وبيئة الدمج تؤدي أيضًا إلى شعور الأسرة بعدم الانعزال عن المجتمع. ويزداد حب المجتمع لديها عندما تجد الجميع من الجيران والمعلمين والخبراء والتلاميذ العاديين يقفون مع ابنها ويدربونه على التعلم والتعاون.
خامسًا: فوائد الدمج للمعلمين:

وللدمج فوائد كثيرة بالنسبة للمعلمين فهناك الفرصة الكاملة للاحتكاك بالطفل المعاق, والطريقة التي يستخدمها المعلم للعمل مع الطفل المعاق مفيدة أيضًا مع الطفل العادي, الذي يعاني من بعض نقاط الضعف, والعمل مع الطفل المعاق يعتبر بحق فرصة لزيادة الخبرات التعليمية والشخصية ( اليانور وتسيد لينش وآخرون ، دمج المعاقين عقليا ) .
وكذلك يساعد"الدمج التعليمي لذوى الاحتياجات الخاصة  المعلمين على تحقيق التطبيع الاجتماعي بين التلاميذ المعاقين وغير المعاقين في الفصل الدراسي عن طريق استخدام الأساليب التربوية والتعليمية السليمة" (Richard w.Brimer: students with sever disabilities. Current perspective and practices.1990) وكذلك لا تقتصر الخدمات التي تقدم في مدارس وفصول الدمج على الخبرات والبرامج التربوية الملائمة, ولا على الأساليب والمواد التعليمية التي تساعد على تطبيق عملية الدمج، بل لابد من توافر مدرسين على مستوى عال من الكفاءة والتخصص. ويعتبر العمل مع المعاقين وغير المعاقين فرصة أمام المدرسين لتنمية وتطوير مهاراتهم المهنية في مناخ من العمل التعاوني المدعوم من جميع الأطراف التربوية ويؤدي ذلك إلى مشاركة المعلم في التخطيط للعملية التعليمية, واختيار الوسائل الملائمة للطلاب واستخدام أحدث الأساليب التعليمية التي تفيد في مجال تخصصه وفي تنمية مهارات وقدرات التلاميذ.ومما سبق تخلص الدراسة إلى أن الدمج التربوي له فوائد متعددة سواء للتلميذ العادي أو المعاق،وفوائد لأولياء الأمور ،وفوائد للمعلمين وللمجتمع ككل . وكما للدمج التربوي فوائد للطفل من ذوى الاحتياجات الخاصة وللطفل العادي وفوائد لأولياء أمور الأطفال العاديين والأطفال من ذوى الاحتياجات الخاصة وكذلك له فوائد للمجتمع ككل ومؤسساته ومنظمات المجتمع المدني وله
فوائد للمعلمين ولقد سبق عرض هذه الفوائد وسيتم عرض أهداف الدمج  التعليمية والاجتماعية والاقتصادية فى ما يلي  :
ومن فوائد الدمج بشكل عام

1 - يعمل الدمج على زيادة  دافعية التعلم لدى الطفل المعاق من خلال التنافس والتقليد للطفل العادي ومن خلال شعور الطفل المعاق بالتقبل الاجتماعي من قبل الزملاء والمعلمين .  
2 - الدمج بكافة أشكاله سواء تربوي أو اجتماعي يساعد على  زيادة الثقة بالنفس  لدى الطفل المعاق من خلال الاندماج والاعتماد على النفس مما يؤدي إلى الشعور بالذات والقدرة على تحقيق النمو النفسي السليم .
3 - تطور التفاعل الاجتماعي يعمل الدمج على زيادة التفاعل بين الطفل المعاق والطفل السليم مما يؤدي إلى زيادة الاندماج وفتح أبواب التعارف والصداقة بين المعاق والسليم .
4 - تحسن في المستوى الأكاديمي أثبتت العديد من الدراسات أن الدمج يساعد على زيادة التحصيل الدراسي .
5- تكوين الأصدقاء.
6- زيادة الحصيلة اللغوية.
7- تحسن مستوى التعاون.
8- تحمل المسئولية التوافق المهني.
9- تحسن المهارات الاستقلالية.
10- تحسن مفهوم الذات.
11- انجاز المهمة.
12 - تعديل السلوك.

من كتاب دمج ذوي الإحتياجات الخاصة ط2 مكتبة 
الرشد 
تأليف د/عبدالباقي عرفة 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معايير أخلاقيات المهنة لدى معلم التربية الخاصة

الفرق بين القانون والأخلاق د/ عبدالباقي عرفة