مفهوم التربية لغة وإصطلاحا د/ عبدالباقي عرفة
التربية لغة وإصطلاحا
مفهوم التربية لغة :
-
من خلال البحث
في معاجم اللغة العربية وجد أن كلمة التربية في اللغة: مشتقَّةٌ من الفعل (رَبَبْ)
والاسم (الرَّب) ويطلق على: المالك والسيد المطاع والمصلح ([1])
والتربية مأخوذة من المعنى الثالث وهو الإصلاح.
-
وهي مأخوذة من
الجذر ربا يربو وتحمل كثير من المعاني ومنها :
-
الزيادة والنمو:
ربا الشيء يربو ربواً ورباءً: زاد ونما وأرببته نميته ([2]) وفي التنزيل : } ويربي الصدقات { ([3]) .
ومن الجذر: ربّ : يَرُبُّ تحمل المعاني الآتية
-
حفظ الشيء ورعايته:
ربَّ ولده والصبي يَرُبُّه ربّاً بمعنى رباه. وفي الحديث: ( لك نعمة تربها) : أي تحفظها وترعيها وتربيها كما يربي الرجل
ولده ([4])
-
حسن القيام
بالطفل ووليه حتى يدرك. رب ولده والصبي يربه رباً : رباه أي أحسن القيام ووليه حتى
أدرك أي فارق الطفولية كان ابنه أم لم يكن . ([5])
-
التعليم :
الرَّبِّي : منسوب الى الرب ، الرباني الموصوف بعلم الرب ، قيل هو من الرب بمعنى
التربية ، كانوا يربون المتعلمين بصغار العلوم قبل كبارهم ([6])
-
التكفل بأمور الصغير
: الرابُّ كافل ، وهو زوج أم اليتيم وهو اسم فاعل ، من ربه : يربه أي أنه يكفل
بأمره ، وفي حديث مجاهد ، كأن يكره أن يتزوج الرجل إمرأة رابّه، يعني أمرأة زوج
أمه لأنه كان يربيه([8])
مفهوم
التربية اصطلاحا
ومن
تعريفات التربية في الاصطلاح: " تنشئةُ وتكوينُ إنسانٍ سليم مُسلم متكامل من
جميع نواحيه المختلفة، من الناحية الصحية والعقلية والاعتقادية، والروحية
الاعتقادية، والإدارية والإبداعية " ([9])
"
ومعنى التربية يشبه عمل الفلاح الذي يقلع الشوك: ويخرج النباتات الأجنبية من بين
الزرع ليحسن نباته " ([10])
هي
: " مجموعة التصرفات العملية والقولية التي يمارسها راشد بإرادته نحو صغير ،
بهدف مساعدته في اكتمال نموه وتفتح استعداداته اللازمة وتوجيه قدراته ، ليتمكن من
الإستقلال في ممارسة النشاطات وتحقيق الغايات التي يعد لها بعد البلوغ ، في ضوء
توجيهات القرآن والسنة "
([11])
-يشير مصطلح
التربية إلى ما ينبغي أن تتضمنه عملية تربية وتنشئة الأبناء من ممارسات، وما يجب أن تستهدفه من غايات، فجاءت
بمعنى الإصلاح؛ إذ ربّى الشيء أي : أصلحه.
وقد
تعني في اللغة النماء والزيادة، فالقول رَبَا يَربو بمعنى زاد ونمى، ومن هذا قوله
تعالى : {وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَة فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ
اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} (الحج : 5). وقوله تعالى : {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي
الصَّدَقَاتِ} (البقرة : من الآية : 276).
وقد
تعني الحكمة والعلم والتعليم لقوله تعالى
: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ
وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ
وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا
كُنتُمْ تَدْرُسُونَ} (آل عمران : 79). وتُعَلِّمون هنا معنى تفهمون.
وتأتي
التربية بمعنى الرعاية قال تعالى : {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ
الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرا} (الإسراء :
24)، وقال تعالى على لسان فرعون مخاطبا موسى -عليه السلام- بعد أن نشأ وتربى في
بيت فرعون : {أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ
سِنِينَ} (الشعراء : 18).
وهذا
يدل على أن التربية قد تعني الرعاية والتعهد بالعناية، وقد اشتق بعض الباحثين من
هذه الأصول اللغوية تعريفا للتربية، حيث قال الإمام البيضاوي في تفسيره
"أنوار التنزيل وأسرار التأويل" : الرّب في الأصل بمعنى التربية، وهي
تبليغ الشيء إلى كماله شيئا فشيئا؛ ثم وصف به تعالى للمبالغة.
وقد
يأتي تعرّيف التربية بمعنى النمو الشامل :
" هي تنمية الوظائف الجسمية والعقلية والخلقية حتى
تبلغ كمالها عن طريق التدريب والتثقيف ([12])
وقد
يأتي تعريفها في بعدها الثقافي "
بأنها عملية اجتماعية تعني بتطبيع أفراد المجتمع على مستوى معين من الخلق والسلوك
، وتكسبهم المهارات في مختلف الفنون والخبرات العملية ،لهذا فهي تختلف من مجتمع
إلى أخر تبعا لظروف كل مجتمع "([13])
وقد
عرفها عدد من علما النفس والتربية بأنها :"هي نمو الكائن البشري من خلال الخبرة المكتسبة من
مواقف الحياة المتنوعة, ويقصد بالنمو اكتساب خبرات جديدة متصلة ومرتبطة ارتباطًا
معينًا لتكون نمطًا خاصًا بشخصية الفرد وتوجهه إلى المزيد من النمو ليتحقق بذلك
أفضل توافق بين الفرد وبيئته([14])
والتربية
في بعدها العملي هي "موقف تفاعلي بين المربي وبين الأبن ، حيث يكون العطاء من
المربي ويكون التلقي و التأثر والانفعال من المتلقي " ([15])
[2] - انظر إلى أبي الحسن علي
بن اسماعيل بن سيده المرسي ، المحكم والمحيط الأعظم ، تحقيق د. عبد الحميد هنداوي
، جـ10/327 ، دار الكتب العلمية ، ط1/1421هـ -2000 م
[3] -
أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا المتوفى سنة هـ 395 ، معجم مقاييس اللغة، بتحقيق
وضبط عبد السلام محمد هارون، ، جـ2/483، بيروت، دار الجيل.
[4] -
انظر إلى ابن منظور، أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ، لسان العرب، جـ2/401
بيروت، دار الفكر، الطبعة الأولى،1410هـ –1990م.
[5] - إبراهيم مصطفى، أحمد حسن
الزيّات، حامد عبد القادر، محمد علي النجار، المعجم الوسيط،
ص 345، ط2، 1392هـ -1972م.
[6] - الزبيدي ، محب الدين أبي
فيض السيد محمد مرتضى الحسيني الواسطي ، تاج العروس من جواهر القاموس ،
جـ2/6-7. ابن منظور، أبي الفضل جمال الدين
محمد بن مكرم ،لسان العرب جـ1/401
[11] - محب
الدين أبو صالح ، مقدار بالجن ، الأستاذ عبد الرحمن النحلاوي ، دراسات في التربية
الإسلامية ، ص13 ،1400هـ 1979
م
تعليقات
إرسال تعليق