مقال عن أسباب الإعاقة من كتاب توعية المجتمع بالإعاقة د/ عبدالباقي عرفة


أسباب الإعاقة
والإعاقة كما  ذكرنا سابقَا هي قصور واضح في نشاط الإنسان مقارنة بمن هم في مثل عمره  ، ينتج عن  خلل دائم أو مؤقت في عضو من أعضاء الجسم أو في جهاز من أجهزته ،  ولا يمكن أن نحمي مجتمعنا من الإصابة بالأمراض والإعاقات المختلفة دون أن نتعرف جيدًا علي الأسباب والعوامل التي تؤدي إلي حدوث الإعاقة ، ومن المعلوم أن توعية المجتمع بمسببات الإعاقة وطرق الوقاية منها هو المستوي الأول من مستويات الوقاية وهي مرحلة أهم بكثير من المراحل التي تليها  ،ويمكن إجمال أهم أسباب حدوث الإعاقة في مراحل _ كما قسمها المتخصصون من الأطباء والأخصائيون _ وهذه المراحل  هي المراحل التي تمر بها الأم الحامل  ويمكن تقسيمها إلي ثلاثة أقسام : المرحلة الأولي وهي الأسباب المرتبطة بمرحلة الحمل ، والمرحلة الثانية الأسباب المرتبطة بمرحلة الولادة ، والمرحلة الثالثة أسباب ما بعد الولادة .
أولاً أسباب ترتبط بمرحلة الحمل :
ويمكن تقسيم أسباب تلك المرحلة إلي قسمين أسباب  جينية  وأسباب غير جينية  وتشتمل الأسباب الجينية  علي:
أ-  العوامل الوراثية : والعوامل  الوراثية  الجينية تصيب ما يقرب من 3% من الولادات في العالم وتتعرض نسبة كبيرة منها إلي وفاة مبكرة ، وهي تظهر في الأطفال بعد الولادة وحتى سن البلوغ بشكل تخلف عقلي ، وقصور أو فقد كامل للبصر أو السمع، وتشمل حالات القصور العضلي الحركي واضطرابات القلب والجهاز الدوري وانحناء العمود الفقري وصعوبة النطق والكلام والتشوه في الأقدام والشفة (عثمان لبيب ،ص22)
تكثر حالات الإعاقة في العائلات التي ينتشر بها ظاهرة زواج الأقارب ومن أمثلة هذه الإعاقات ضمور العضلات وعيوب التمثيل الغذائي للبروتينات .
ومن  الأسباب الجينية شذوذ الكروموزومات وقد يحدث شذوذ عددي في الكروموزومات غير الجنسية مثل الشذوذ في الكوموزوم رقم (17) و(18) حيث يصبح ثلاثة أزواج بدلا من اثنين وينجم عن هذا تخلف عقلي وعيوب وتشوهات في الأذن والأصابع واليد والفك والهيكل العظمي ،وإذا حدث شذوذ في الكرموزوم رقم (13) فهذا يؤدي إلي تخلف عقلي وصغر حجم الجمجمة وتشوهات في الأذن والعين وسقف الحنك والشفة ،وإذا حدث شذوذ عددي في الزوج رقم (21) فذلك يؤدي إلي حدوث عرض متلازمة داون (إعاقة عقلية ) ويكون الطفل عرضة للإصابة بالميكروبات وأمراض القلب ( ثقب في القلب ) وسرطان الدم 

-        وفد يحدث شذوذ أو خلل في الجينات الطبيعية مما يؤد إلي تكوين بروتينات أو أنزيمات أو هرمونات غير طبيعية 
-        وكذلك اختلاف العامل الرايزيسي  ويحدث بسبب عدم توافق دم الأم الحامل مع الجنين  
-       ومن العوامل الوراثية كذلك حدوث اضطرابات في عملية التمثيل الغذائي  
ب- وتشتمل العوامل البيئية (غير الجينية ) وهي العوامل المكتسبة التي تؤثر علي الحمل ولا تقل خطورة العوامل البيئية عن العوامل الجينية في أثرها في حدوث العديد من حالات الإعاقة المختلفة  ومن أهم هذه العوامل  مايلي :
-       إصابة الأم الحامل بالأمراض في مرحلة ما قبل الولادة  
وبسبب إصابة هذه الأمراض والفيروسات تنتقل للجنين لأنه لا يمتلك المناعة الكافية لحمايته من الأمراض  ومن هذه الأمراض الأمراض الميكروبية والفيروسية مثل مرض الزهري  والحصبة الألمانية والتوكسوبلازما وفيروس الهيربس وهذه الأمراض قد تنتقل للجنين بواسطة دم الأم عبر المشيمة والحبل السري ،أو عبر الحيوان المنوي من الأب  مثل مرض الإيدز ،أو عبر الكيس الامينوسي ،أو بواسطة قناة الرحم وعنق الرحم والمهبل وذلك أثناء الولادة .
-       الأمراض العضوية التي لانتقل بواسطة الميكروبات أو الفيروسات وقد تكون الأم الحامل  مصابة بمرض لأسباب وراثية أو بيئية ومن هذه الأمراض ، مرض السكري وما ينجم عنه من أمراض للطفل في حالة عدم اهتمام الأم وإهمال علاج المرض مثل إصابة قلب الجنين والولادة المبكرة وتسمم الحمل وقد يكون مرض السكري يسبب في حدوث ولادة متعسرة نظرا لكبر حجم الجنين ،أو حالات التخلف العقلي أو حالات الإجهاض ، أمراض القلب وأثرها علي الأم الحامل ، اضطرابات الغدة الدرقية  سواء بالنقص أو الزيادة في إفراز الهرمونات وكلا الحالتين الإفراط أو النقص  يؤدي إلي إصابة الطفل بالإعاقة ، وأمراض ضغط الدم ، و التهاب الكبد.
-        تعرض الأم للأشعة وأثر ذلك علي تشوهات خلقية أو إجهاض ويتوقف ذلك علي كمية الأشعة ومدة الحمل ، ومكان التعرض للأشعة ، ونوعية الأشعة التي تتعرض لها الأم الحامل .
-        سوء تغذية الأم أثناء الحمل والأنيميا الشديدة  وهذا يؤدي إلي تأخر في نمو الجنين داخل الرحم وولادة طفل صغير الحجم ، كذلك نقص حمض الفوليك يؤدي إلي عدم اكتمال نمو الجهاز العصبي. ومن المعروف أن نقص البروتين والفيتامينات والسعرات الغذائية المتوفرة للحامل في الدول النامية ، التي تعاني من ظروف اقتصادية سيئة حيث تولد النسبة الكبرى بين أطفال العالم .
-       ضغط الدم ومرض السكر لهما تأثير كبير علي الأم .
-       تناول الأم الأدوية أثناء الحمل ، مثل مضادات الاكتئاب وبعض المضادات الحيوية والأسبرين .
-       التعرض لإشعاع .( الأشعة السينية )
-        إدمان الكحوليات والمخدرات والسجائر.
-       كبر سن الأم.
-       سوء الحالة النفسية للأم  وخاصة خلال شهور الحمل الأولى  
ثانيا أسباب أثناء فترة الولادة:
1-  في حالات الولادة المتعسرة  وهي الحالات التي توجد فيها موانع وأسباب تحول دون مرور الجنين طبيعيا  ويلجأ الأطباء في هذه الحالة إلي شق جدار الرحم  وقد يستخدم في الولادات المتعسرة التي يشق فيها جدار الرحم ببعض الأدوات التي تشكل خطر بالغ علي صحة الجنين وتسبب الكثير من الإصابات والإعاقات ومن الأدوات الملقاط وآلة الشفط  وقد تسبب هذه الأدوات اصابات وتلف في دماغ الجنين  ويؤدي ذلك إلي حدوث الإعاقة العقلية والشلل الدماغي  وغيرها من الإعاقات .
2-  الولادة قبل الميعاد( الخداج) أو ما يسمي بالولادة المبتسرة  حيث ينتج عنها ولادة طفل غير مكتمل النمو ويكون عرضة للكثير من المشاكل الصحية مثل الإعاقة العقلية والشلل المخي وقصر النظر وضعف الذكاء وتحدث أيضا لعدد من هذه الولادات المبكرة مشكلات سلوكية ومعرفية  .
3-  شد الذراع أو الرأس قد يؤدي إلي حدوث شلل إيريز.
4-   نقص الأوكسجين أثناء الولادة  ويؤدي نقص الأوكسجين إلي حدوث تلف في الخلايا الدماغية  وقد يؤدي أيضا إلي حدوث تلف في المراكز العصبية مما يترتب عليه الشلل الدماغي ،والصرع ، والتخلف العقلي ، وصعوبات القراءة ،والاضطرابات السلوكية  وغيرها من الاضطرابات والإعاقات .
ثالثا أسباب بعد الولادة:
1-  الحمى ( ارتفاع درجة الحرارة ) ومنها حمي النكاف والحمى القرمزية والدفتريا والتيفود والحصبة  والحمى الشوكية  والدرن والسعال الديكي والنزلات المعوية وشلل الأطفال وغيرها من الإمراض التي ترتبط بمرحلة الطفولة المبكرة والتي لها أكبر الأثر في حياة الطفل فيما بعد .
2-  ارتفاع نسبة الصفراء في الدم نتيجة عدم توافق عامل R.H. أو حالات الأنيميا (أنيميا البحر المتوسط أو الأنيميا المنجلية ) .
3-  نقص الجلوكوز في الدم .
 الحوادث التي يتعرض لها الطفل مثل حوادث المرور وحمامات السباحة والصدمات والإصابات الدماغية والكسور وغيرها . وتلعب الحوادث دورَا هامَا في إصابة الأطفال بإعاقات متعددة وتمثل حوادث الطرق سببَا رئيسيَا للإعاقة عند الأطفال.( مبادرة الحماية الاجتماعية ، دليل التدخل المبكر ،2004)
4-  سوء التغذية التي يتعرض لها الطفل  مثل نقص الفيتامينات مثل فيتامين أ واليود قد يؤدي إلي حدوث بعض الإعاقات مثل الإعاقة الذهنية ونقص الغذاء بشكل عام يجعل الجسم عرضة للأمراض  المعدية مثل شلل الأطفال ، الحصبة ، السعال الديكي ، السل الرئوي ، الالتهاب السحائي ،الالتهاب المخي. والملاحظ أنّ الفئات الفقيرة هي التي تنوء بعبء أفدح،ذلك لأنّها لا تقدر على تغطية تكاليف الرعاية الوقائية والروتينية اللازمة لتوقّي الإعاقة ، أو على تحمّل تكاليف المعينات السمعية والبصرية والوسائل الحركية  التي تمكّن من تحسين أحوالهم. ويمكن أن يصعّب ضعف السمع والبصر والشلل  أيضاً من إمكانية الإفلات من الفقر من خلال تعطيل التقدّم في المدرسة ومكان العمل، ووضع المرضى في عزلة اجتماعية
5-   عدم الاهتمام بالجانب الوقائي من الأمراض قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " غطوا الإناء، وأوكئوا السقاء, فإن في السنة ليلة ينزل فيها وباء, لا يمر بإناء ليس عليه غطاء أو سقاء ليس عليه وعاء إلا نزل فيه من ذلك الوباء " (رواه مسلم).
لقد أثبت الطب الحديث أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو الواضع الأول لقواعد حفظ الصحة بالاحتراز من عدوى الأوبئة والأمراض المعدية, فقد تبين أن الأمراض المعدية تسري في مواسم معينة من السنة, بل إن بعضها يظهر كل عدد معين من السنوات, وحسب نظام دقيق لا يعرف تعليله حتى الآن. و
من أمثلة ذلك أن الحصبة وشلل الأطفال تكثر في سبتمبر وأكتوبر, والتيفود يكثر في الصيف، أما الكوليرا فإنها تأخذ دورة كل سبع سنوات، والجدري كل ثلاث سنين، وهذا يفسر لنا الإعجاز العلمي في قول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " إن في السنة ليلة ينزل فيها وباء "، أي أوبئة موسمية ولها أوقات معينة.
كما أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد أشار إلى أهم الطرق للوقاية من الأمراض في حديثه : " اتقوا الذر " ـ هو الغبار ـ فإن فيه النسمة ـ أي الميكروبات ـ ".
فمن الحقائق العلمية التي لم تكن معروفة إلا بعد اكتشاف الميكروسكوب أن بعض الأمراض المعدية تنتقل بالرذاذ عن طريق الجو المحمل بالغبار والمشار إليه في الحديث بالذر، وأن الميكروب يتعلق بذرات الغبار عندما تحملها الريح وتصل بذلك من المريض إلى السليم، وهذه التسمية للميكروب بالنسمة هي أصح تسمية, فقد بين الفيروز ابادي في قاموسه أن النسمة تطلق على أصغر حيوان, ولا يخفى أن الميكروب متصف بالحركة والحياة، أما تسمية الميكروب بالجرثوم فتسمية لا تنطبق على المسمى؛ لأن جرثومة كل شيء أصله حتى ذرة الخشب، وهذا من المعجزات الطبية التي جاء بها رسول الله( صلى الله عليه وسلم) .
من كتاب توعية المجتمع بقضايا الإعاقة تأليف د/ عبدالباقي عرفة 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معايير أخلاقيات المهنة لدى معلم التربية الخاصة

الفرق بين القانون والأخلاق د/ عبدالباقي عرفة